عدد الرسائل : 143 العمر : 34 البلد : غزة كيف تعرفت علينا : عن طريق المدير العام اعلام الدول : المزاج : الهواية : تاريخ التسجيل : 13/05/2008
موضوع: "عقل غير هادئ" الخميس يوليو 31, 2008 3:42 am
بسم الله الرحمن الرحيم "عقل غير هادئ" رحلة من العناء في مرض الاضطراب الوجداني ثنائي القطب نوبات من الهوس د.ابراهيم بن حسن الخضير "عقل غير هادئ"، كتاب سيرة ذاتية غير عادي كتبته مريضة مصابة بمرض الاضطراب الوجداني ثنائي القطب، والكاتبة هي كاي ردفيلد جاميسون، والتي تحمل دكتوراه في علم النفس العيادي (الإكلينكي)، حيث حصلت على الدكتوراه من جامعة كاليفورنيا عام 1974، في لوس أنجلوس، وتعمل كأستاذ لعلم النفس العيادي في جامعة جون هوبكنز الشهيرة، في بالتيمور، وحصلت على العديد من الشهادات الفخرية والجوائز القيمة من جهات لها قيمتها العلمية، وكذلك ألفت عدداً من الكتب الطبية معظمها يدور حول مرض الاضطراب الوجداني ثنائي القطب والذي تفضل الدكتور جاميسون إطلاق اسم "ذهان الهوس الاكتئابي". قبل التطرق لملخص الكتاب، والذي يعد كتاباً مهماً لعامة الناس، خاصة المرضى بمرض الاضطراب الوجداني ثنائي القطب وأقاربهم، وكذلك للأشخاص الذين يعملون في مجال الصحة النفسية. فالدكتورة كاي ردفيلد جاميسون، ولدت عام 1946م لأب طيار وعالم في الأرصاد الجوية، وكانت الأصغر لشقيق وشقيقة يكبراناها. عاشت الدكتورة جاميسون في عدة قواعد جوية داخل وخارج الولايات المتحدة، حيث عمل والدها في طوكيو وواشنطن وكاليفورنيا وبورتوريكو وفلوريدا، ولذلك فإنها درست في مدارس متعددة، مما اضطرها إلى التأقلم مع زملاء دراسة جدد وأصدقاء جدد في كل مرة ينتقل والدها للعمل في قاعدة جوية جديدة خلال عمله إلى أن تقاعد وانتقل إلى كاليفورنيا ليعمل في شركة خاصة ويستقر هناك. كانت هذه الخطوة ذات تأثير سلبي عليها، فالطلبة في المدرسة الثانوية في كاليفورنيا أثرياء وأذكياء والتنافس بين الطلبة عالياً. في هذه السنة شعرت كاي بأن والدها لم يتخذ القرار الصائب عندما غادر واشنطن واستقر في كاليفورنيا التي لم تكن كاي ترغب أن تعيش فيها. كانت تفضل العيش في واشنطن وافتقدت أصدقاءها في كاليفورنيا خاصة صديقها الحميم الذي أمضت معه أوقاتاً جميلة وسعيدة. لكن كاي تغلبت على هذه المشاعر السلبية والتحقت بجامعة كاليفورنيا. تصف كاي بداية المرض معها بأنه كان عبارة عن نوبات هوس خفيفة، كانت حالات اهتياج ذات نشوة أعطت باعثاً على سرور شخصي عظيم، تداعياً لا يضاهى للأفكار، وطاقة غير منقطعة سمحت بتحويل أفكار جديدة إلى الأوراق والمشاريع. ثم تستمر الدكتورة جاميسون في معاناتها مع هذا الاضطراب والعلاج منه. حيث تقول: "الأدوية لم تتسبب فقط في قطع هذه الحالات الملحقة عالياً والمتدفقة بسرعة، ولكنها جلبت معها، على ما يبدو، أعراضاً جانبية لا تحتمل. لقد استغرق الأمر مني زمناً طويلاً لكي أدرك أن السنوات والعلاقات الإنسانية التي فقدتها لا يمكن استرجاعها، وأن الأذى الذي وقع على نفسي وعلى الآخرين لا يمكن إصلاحه مرة أخرى، وأن التحرر من سيطرة الدواء عليك يفقد معناه عندما يكون الخياران الوحيدان هما: الموت أو الجنون!". تحدثت الدكتورة جاميسون عن نوبات الكآبة التي تجعلها لا تستطيع عمل أي شيء، تبقى في المنزل لا تستطيع الدراسة ولا التركيز وتفكر في عدم جدوى الحياة وتفكر في الانتحار. تعطي وصفاً حياً لحالات الاكتئاب الفظيعة التي تمر بها. وخلال نوبات الاكتئاب هذه انتحر أكثر من شخص مشهور مثل الكاتب الأمريكي الشهير أرنست هنمجواي والشاعر والرسام المصري الشهير صلاح جاهين وكثيرون غيرهم أنهوا حياتهم بطرق مختلفة خلال نوبات الاكتئاب هذه، وفي الولايات المتحدة وحدها فقط ينتحر آلاف الأشخاص ممن يعانون من اضطراب الهوس الاكتئابي أو الاضطراب الوجداني ثنائي القطب. الوصف والخروج من حالة الاكتئاب كما وصفتها الدكتورة جاميسون في كتابها وكيف أن نوبة الاكتئاب تعطلها عن إنجاز أعمالها ودراستها حيث لا تستطيع التركيز وتضطر إلى قراءة الصفحة أو الجملة مرات عديدة ومع ذلك لا تستطيع أن تستوعب بسبب ضعف التركيز عندها نتيجة مرض الاكتئاب الذي تمر به. نوبات الهوس تتطرق أيضاً بشكل رائع لنوبات الهوس التي كانت تمر بها، الإحساس بالسعادة المطلقة، الإفراط في صرف الأموال وشراء أشياء ليست بحاجة لها، وكثرة الحركة والكلام السريع والثرثرة التي لا تتوقف والرغبة الجنسية الجامحة، وبعد أن تنتهي من نوبة الهوس وترى ايصالات ما قامت بشرائه أثناء نوبة هوسها والأموال التي أنفقتها عن طريق بطاقات الائتمان والتي فوق طاقتها المالية بشكل كبير تضطر إلى اللجوء إلى شقيقها الذي يساعدها في ترميم ما يمكن ترميمه من مصاريف وأموال كثيرة أنفقتها دون حاجة إلى الأشياء التي قامت بشرائها. تتطرق الدكتور جاميسون في كتابها الرائع عن نفسها كمريضة نفسية وفي نفس الوقت هي معالجة نفسية وأستاذ مساعد في الجامعة تقوم بعلاج مرضى وتدريس طلبة العلاج النفسي. لقد شعرت بالحرج والخجل عندما ذهبت لتزور طبيباً نفسياً لأول مرة في عيادته، وقد كان هذا الطبيب زميلاً لها في المستشفى التي كانت تتدرب فيه، وكانت تثق في علمه وخبرته كطبيب نفسي، لكنها في العيادة وجدت نفسها أمام الطبيب الزميل كمريضة وطوفان من الأسئلة الشخصية عن تاريخ مرضها متى بدأ؟ وعن نوبات الهوس ونوبات الاكتئاب وعن التاريخ العائلي لاسرتها حيث كان والدها يعاني تقريباً من نفس المرض، خاصة بعدما تقاعد وانتقل من واشنطن العاصمة إلى كاليفورنيا وتفاقم لديه الهوس مما اضطر الشركة التي يعمل بها إلى فصله من عمله وتدهور حالته.. فها هي مكشوفة تماماً أمام الطبيب تحكي له عن أدق تفاصيل حياتها. كان موقفاً مؤلماً لها أن تكون على مقعد المريض النفسي، وأقنعها الطبيب المعالج بتناول علاج الليثيوم، وفي ذلك الوقت كان اللثيوم الدواء الوحيد الذي يعطى كمثبت للمزاج، وكذلك كان يصف لها أدوية مضادة للذهان خلال نوبات الهوس. المشكلة كما تشرح الدكتورة جاميسون ليس في وجود العلاج ولكن في تناول العلاج حيث هناك الكثيرون ضد تناول الأدوية النفسية، فبعض زملائها رفضوا أن تضع حياتها تحت رحمة حبوب الليثيوم، وكذلك شقيقتها كانت ضد أن تتناول حبوب الليثيوم، لكن الخيار كان أمام الدكتورة جاميسون هو أن تتناول الليثيوم، وكان في ذلك الوقت علاج الليثيوم بدائياً وكانت أعراضه الجانبية مزعجة جداً، كالغثيان والإستفراغ والدوار، وكانت نسبة الليثيوم في الدم لا بد أن تكون مرتفعة لمن هم في مثل شدة مرضها وكان هذا قريباً من تسمم الليثيوم والذي يشكل خطراً على صحة الدكتورة جاميسون. كانت تصف كيف كانت تنام في دورة المياه لكي تكون قريبة عندما تنتابها حالة الاستفراغ الشديد، في مرة من المرات انتابتها حالة من الدوار وهي تقود سيارتها فأوقفها رجال الشرطة ظناً منهم بأنها ثملة من تناول الكحول، ولولا أنها أخرجت حبوب الليثيوم من جيوبها واسم الطبيب النفسي المعالج لكان مصيرها مؤلماً حيث كانت ستواجه مشكلة قيادة السيارة وهي متناولة الكحول. سارت الدكتورة في تناول الأدوية مع الأعراض الجانبية الموجعة، لكن مع تطور الأدوية اصبح الليثيوم أكثر تطوراً، حيث أصبح من النوع البطيء الامتصاص والأدوية المضادة للذهان أصبحت أكثر تطوراً وأقل أعراضاً جانبية. إنه من الصعب تلخيص كتاب مثل كتاب "عقل غير هادئ"، والذي كتب بأسلوب راق ولغة أدبية روائية تشجع على القراءة، وأيضاً الترجمة الجيدة جداً التي قام بها الأستاذ حمد العيسى، حيث أضاف إلى المكتبة العربية كتاباً مهماً ومفيداً وأنصح أي مريض يعاني من الاضطراب الوجداني ثنائي القطبين أن يقتني هذا الكتاب، كذلك أنصح أي عائلة لديهم مريض يعاني من هذا المرض أن يقتنوا هذا الكتاب المفيد والذي يعطي من يقرأه معلومات بأسلوب رشيق، ولغة راقية، سهلة ومحفزة على القراءة لأسلوبه الشيق والبعد عن المصطلحات المعقدة، والمجهود الذي بذله المترجم في شرح كل مصطلح أو كلمة يعتقد بأن عامة الناس لا يعرفونها. إنه حقاً كتاب رائع. تحياتى نضال